قال: لقد جربت هذا.. فوجدت هذه الحقيقة.. ولا عليك ألا تصدقني.. فليس لدي صيدلية تبيع الخيال، فأخاف من خسارة زبون، أو أفرح لكسب زبون.
قلت: ولكن قومي من المتحفظين قد ينكرون هذا.. فكيف تصور الألم بصورة حسية؟
قال: ألم تسمع ما قال ابن القيم في الحمى؟
قلت: لقد ذكر ابن القيم قول الذي سب الحمى ومعارضته له، فقال:(ذكرت مرة وأنا محموم قول بعض الشعراء يسبها:
زارت مكفرة الذنوب وودعت تبا لها من زائر ومودع
قالت وقد عزمت على ترحالها ماذا تريد فقلت: أن لا ترجعي
فقلت: تبا له إذ سب ما نهى رسول الله r عن سبه، ولو قال:
زارت مكفرة الذنوب لصبها أهلا بها من زائر ومودع
قالت وقد عزمت على ترحالها ماذا تريد فقلت:أن لا تقلعي
لكان أولى به ولأقلعت عنه فأقلعت عني سريعا)
قال: فابن القيم استخدم هذ النوع من العلاج قبل صاحبي.
قلت: كيف ذلك؟
قال: لقد تخيل الحمى امرأة جاءت تكفر ذنوبه، وهو نفس ما يقوله صاحبي، وخاطبها كما يخاطب الأحياء.
قلت: ولكنه رحب بها، أما صاحبك فأرسل عليها كراته البيضاء.
قال: كل منهما استخدم أسلوبا من الأساليب.. أما ابن القيم، فاعتبر الداء محبوبا اشتاق إليه.. وفي العادة نرى سرعة ذهاب من نشتاق إليه.
قلت: وصاحبك؟
قال: تعامل مع المرض كالعدو.. فأرسل عليه ما جهزه الله به من وسائل المقاومة.