اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 78
فأخبرنا برجوعنا إليه ليمسح عنا كل دمعة، ويبرئ لنا كل
جرح.
قلت: فهمت الإشارة.. فهل هناك إشارة أخرى؟
قال: قوله تعالى:﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ
الْأُولَى﴾
(الضحى:4)
قلت: هذه الآية في تبشير رسول الله a.
قال: لا.. هذه الآية تبشر الكل.. تبشر كل من يسمع من
الله.. فلا يصح أن نحجر على كلام الله.
قلت: فما فيها؟
قال: ذكر الآخرة بعد ذكر البلاء يفيد عظم الجزاء الذي يشهده
المبتلون بعد أن تنقضي فترة بلائهم.
قلت: ألهذا التفت السحرة إلى المدة التي يمكن لفرعون أن
يعذبهم فيها؟
قال: أجل، لقد وجدوها قصيرة لا تساوي شيئا أمام ما عند
الله، فقالوا له عندما وضعهم في ذلك الخيار الصعب: ﴿ لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا
مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا
تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ (طـه:72)
قلت: ولهذا يعبر تعالى عن عذاب الآخرة وبلائها بكونه:﴿
أَشَدُّ وَأَبْقَى﴾ (طـه:127)
قال: ليملأ القلوب المتألمة بالأنس بانتهاء عذابها
المحدود.
قلت: لا ـ يا معلم ـ فهي آية تخويف لا تأنيس.
قال: هي تخويف وتأنيس.. هي كالزرع الذي يسقى بماء واحد،
ويفضل بعضه على بعض في الأكل، ألم تسمع قوله تعالى:﴿ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ
مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ
صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي
الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ (الرعد:4)
اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 78