اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 77
عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾ (النازعـات:46)
قال: وقد أخبر a أنه (يؤتى بالكافر فيغمس في النار
غمسة ثم يقال له هل رأيت خيراً قط؟ هل رأيت نعيماً قط؟ فيقول: لا واللّه يا رب،
ويؤتى بأشد الناس بؤساً كان في الدنيا، فيصبغ في الجنة صبغة، ثم يقال له: هل رأيت
بؤساً قط؟ فيقول: لا واللّه يا رب)[1]، فلحظة واحدة في الجنة تنسي
أشد الناس بؤسا في الدنيا كل ما عاناه فيها.
قلت: فهمت الناحية الأولى، وعرفت أثرها ووجه كونها نعمة،
فما الناحية الثانية؟
قال: محدودية الزمان.
قلت: فسرها لي.
قال: هي ما أشار إليه قوله تعالى:﴿ الَّذِينَ إِذَا
أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ (البقرة:156)
قلت: فما وجه الإشارة فيها؟
قال: كلمة الاسترجاع تحمل دلالة عظيمة على محدودية البلاء، فالمؤمن
المبتلى سيرجع إلى ربه، وستنتهي برجوعه كل أصناف البلايا.
قلت: فاضرب لي مثالا على ذلك.
قال: أرأيت لو أن مسجونا سجن أياما معدودة.. وكان آمر
السجن رحيما، فكان يرسل له كل يوم من يملؤه بالبشر، ويقول له: (إن هي إلا أيام
وتعود إلى أهلك ومالك) ألا يستبشر هذا المسجود ويستأنس؟
قلت: بلى..
قال: فالله تعالى المبتلي لم يرسل لنا من يؤنسنا بذلك، بل
هو الذي ملأنا بالأنس،