responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 76

التعلق بالدنيا.

قلت: أجل.. وقد ذكرتني بكلام جميل لبديع الزمان في هذا.

سمعت صوته، وهو يقول: (إن المصيبة التي تعدّ مصيبة حقاً والتي هي مضرة فعلاً، هي التي تصيب الدين. فلابد من الالتجاء الى الله سبحانه والانطراح بين يديه والتضرع اليه دون انقطاع. أما المصائب التي لاتمس الدين فهي في حقيقة الامر ليست بمصائب، لأن قسماً منها تنبيه رحماني! يبعثه الله سبحانه الى عبده ليوقظه من غفلته.. أما القسم الآخر من المصائب فهو كفارة للذنوب، وقسم آخر أيضاً من المصائب هو منحة إلهية لتطمين القلب وافراغ السكينة فيه، وذلك بدفع الغفلة التي تصيب الإنسان، وإشعاره بعجزه وفقره الكامنين في جبلته)[1]

قال: وهناك ناحية أخرى مهمة يمكن الاعتبار منها هنا تخفف من البلاء وتجعله محدودا، بل تكاد تلغيه.

قلت: ما هي؟ فقد شوقتني.

قال: هي محدودية آلام الدنيا مهما عظمت بآلام الآخرة ومصائبها.

قلت: يشير إلى هذا المعنى آيات كثيرة، فالله تعالى يقول:﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ (الشعراء:25 ـ 207)، أي لو أخرناهم وأنظرناهم وأمهلناهم برهة من الدهر وحيناً من الزمان وإن طال، ثم جاءهم أمر اللّه، أي شيء يجدي عنهم ما كانوا فيه من النعيم.

قال: لأنهم في ذلك الحين يدركون قصر عمر الدنيا التي كانوا يتفانون من أجلها.

قلت: وقد دل على ذلك آيات كثيرة، فالله تعالى يقول:﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغ﴾ (الاحقاف:35)، وقوله تعالى:﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا


[1] اللمعة الثانية: ص 16. بتصرف.

اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست