اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 75
والحمير والديكة، فكانت الخيرة لهؤلاء في هلاك هذه
الحيوانات كما قدّره الله تعالى.
فقد كانت هذه المصائب كبيرة في لحظة نزولها، ولكنها كانت
بدلا عن مصائب أكبر، فنابت المصائب الصغيرة عن الكبيرة.
قال: بل أشار إلى هذا قوله تعالى في قصة موسى u مع الخضر u حين خرق السفنية، وكانت مصيبة
صغيرة أقل بكثير من أن يسلبوا السفينة، قال تعالى: ﴿ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ
لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ
وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً﴾ (الكهف:79)
أو حين قتل الغلام، وهو مصيبة كبيرة في نفسه، ولكنه صغيرة
إذا ما قورن بنتيجته، قال تعالى: ﴿، وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ
فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً فَأَرَدْنَا أَنْ
يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً﴾ (الكهف:80
ـ81)
قلت: فهمت هذا.. وأدركت سر كونه نعمة.
قال: ليس هذا فقط.. بل إن من نعم هذه المصيبة التي حلت بك
أنها كانت في الدنيا، ولم تكن في الدين، وكانت في الجسد، ولم تكن في الروح، وتعلقت
بالدنيا، ولم تتعلق بالاخرة.
قلت: لا يفقه سر هذا إلا من عرف نسبة الدين إلى الدنيا،
ونسبة الروح إلى الجسد، ونسبة النشأة الأولى إلى النشأة الآخرة.. فاضرب لي مثالا
يقرب لي هذا المعنى.
قال: صاحب السيارة الذي تعرض لحادث، مات فيه من مات لكنه
نجا، وتأثرت سيارته، فإن هذا وإن تأسف على ما أصابها، إلا أنه يحمد الله على أن
المصيبة حلت بالسيارة، ولم تحل به.
قلت: هذا صحيح.. فكيف نطبق هذا المثل على ما نحن فيه؟
قال: لقد عرفنا أن الجسد مطية الروح ومركوبها، وأن غذاء
الروح هو الدين، وسمها هو
اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 75