اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 74
كل الذنوب، بل لو عاقب عليها لما ترك على ظهرها من دابة،
قال تعالى:﴿
وَلَوْ يُؤَاخِذُ
اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ (فاطر:45)
قلت: لقد ورد في تفسير قوله تعالى:﴿ وَمَا
أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ (الشورى:30)، قول رسول اللّه a: ( والذي نفس محمد بيده ما من
خدش عود، ولا اختلاج عرق، ولا عثرة قدم، إلا بذنب، وما يعفو اللّه عنه أكثر)[1]
وورد فيها ما رواه أبو جحيفة قال: دخلت على علي بن أبي
طالب ، فقال: ألا أحدثكم بحديث ينبغي لكل مؤمن أن يعيه؟ قال، فسألناه، فتلا هذه
الآية:﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ
وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾
(الشورى:30)،، فقال: ما عاقب اللّه تعالى به في
الدنيا، فاللّه أحلم من أن يثني عليه العقوبة يوم القيامة، وما عفا اللّه عنه في
الدنيا، فاللّه أكرم من أن يعود في عفوه يوم القيامة)[2]
قال: فالبلاء بهذا يصبح محدودا غاية المحدودية.. لأنك لا
تقارنه ببلاء مثله، وإنما تقارنه بقدرة الله التي لا تحد، مع مشيئته النافذة في خلقه، فالله مع
كونه ابتلاك إلا أنه ابتلاك بشيء محدود لا قيمة له بجنب ما صرف عنك.
قلت: لقد ذكرتني بحكاية رجل الصالح ذكره بعضهم، فقال: كان
رجل بالبادية له كلب وحمار وديك، فالديك يوقظهم للصلاة والحمار ينقلون عليه الماء
ويحمل لهم خباءهم والكلب يحرسهم، قال: فجاء الثعلب فأخذ الديك، فحزنوا له وكان
الرجل صالحاً فقال: عسى أن يكون خيراً، ثم جاء ذئب فخرق بطن الحمار فقتله فحزنوا
عليه فقال الرجل: عسى أن يكون خيراً، ثم أصيب الكلب بعد ذلك فقال عسى أن يكون
خيراً، ثم أصبحوا ذات يوم فنظروا فإذا قد سبـي من حولهم وبقوا هم، قال: وإنما
أخذوا أولئك لما كان عندهم من أصوات الكلاب