اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 73
قال: إن الله تعالى ذكر في الآية أمرين: ذكر الابتلاء
بصيغة المحدودية، وذكر التبشير بصيغة الإطلاق، فلم يحدد الجوائز المرتبطة
بالبشارة.
قلت: لم؟
قال: لينمحق البلاء في البشارة، بالإضافة إلى انمحاقه في
محدوديته.
قلت: فاضرب لي مثالا على ذلك.
قال: إذا جاز أن نمثل البلاء بشيء، فإن أقرب شيء إليه هو
الحفرة التي تدمل الأرض بالجراح.
قلت: نعم هذا تقريب حسن، فالحفرة كالألم الذي أصاب جسد
الإنسان.
قال: فإذا كانت الحفرة محدودة من حيث حجمها، ثم ملأناها
بأكياس.. لا من الرمل.. بل من الذهب الخالص.. بل بما هو أشرف من الذهب وأغلى
قيمة.. أيبقى للحفرة وجود؟
قلت: لو أن الأمر كذلك لتمنى صاحب الحفرة أن تكون حفرته
أخدودا عظيما، بل بحرا عميقا، بل محيطا لا حدود له.
قال: الأمر كذلك.. ولكنكم لا تبصرون.
قلت: فهل هناك إشارة أخرى؟
قال: قوله تعالى:﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ
بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ (البقرة:124)، فقد أخبر الله تعالى بأنه ابتلى إبراهيم u بكلمات، أي ببعض البلاء، لا
بكل البلاء، ومثل ذلك ما ذكر من أنواع البلاء التي حصلت للأنبياء ـ عليهم الصلاة
والسلام ـ فهي كلها من البلاء المحدود، والذي ينتهي غالبا بالفرج التوسعة.
قلت: فهل هناك إشارة أخرى؟
قال: قوله تعالى:﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ
فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ (الشورى:30)، فقد أخبر تعالى أن من أسباب المصائب
الذنوب، وأنه برحمته لا يعاقب على
اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 73