اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 72
نعمة
المحدودية:
قلت: فما نعمة المحدودية؟
قال: من نعم الله العظيمة في البلاء كونه محدودا.
قلت: من أي الجهات كان محدودا؟
قال: من جهة محله، أو من جهة الزمن الذي يستمر فيه.
قلت: فكيف كان البلاء محدودا من جهة المحل؟
قال: إن الله تعالى برحمته لم يبتل منك إلا أعضاء محدودة،
أو محال محدودة، ورزقك بدلها من العوض ما يهون عليك ذلك الألم، أو ما تستأنس به
بدل ذلك المفقود، وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى:﴿ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ
فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا
يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾ (النساء:104)
قلت: فما وجه الإشارة في هذه الآية؟
قال: لقد رزق الله المؤمنين الرجاء عوضا عن الألم الذي
أصابهم، وهو ما يخفف من حدة البلاء، ويجعله محدودا لا يتجاوز إلى أرواحهم التي هي
محل الرجاء.
قلت: فهل تشير إلى هذا آيات أخرى؟
قال: أجل.. آيات كثيرة، فالله تعالى يقول:﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ
مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ
وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ (البقرة:155)
فقد ذكر تعالى أن البلاء يكون بشيء من الخوف والجوع، أي بقليل منهما،
وبنقص من الأموال والانفس والثمرات، أي ذهاب بعضها فقط وبقاء البعض الآخر.
قلت: هذه إشارة جميلة ودقيقة.. ولكنها قد لا تفهم.
قال: إشارات القرآن الكريم لا يفهمها إلا المتدبرون.
قلت: فلنبسطها حتى يفهموها، ألم يجعل الله تعالى القرآن
الكريم ميسرا للذكر؟
اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 72