اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 72
تمتلئ كتب السير والطبقات بنماذجها.
قلت: فهذا هو موضع القدوة الأول،
والذي هو من جنسنا، فمن نقتدي به من غير جنسنا؟
قال: الحيوانات.
ثرت قائلا: ما هذا؟ .. ما عهدتك يا
معلم هكذا .. كيف تقرن الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ بالحيوانات .. أليس هذا
كفرا أو قريبا من الكفر!؟
قال: ولماذا تستهين بالحيوانات لهذه
الدرجة، أليست من خلق الله؟ ألا تعلم أن احتقارك لها احتقار للذي خلقها؟ ألم تسمع
قوله تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ لا
يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ﴾
(البقرة: 26)؟ .. ألم يذكر الله الذباب والعنكبوت والنحل والحمار والبغال وغيرها
في القرآن الكريم؟
قلت: بلى، ولكن قومي، أو من اشتهر
بالأدب منهم يتحرجون من مثل هذا.
قال: فهم يتعاظمون ويتكبرون على خلق
الله .. فمن ضمن لهم أنهم أشرف من هذه الحيوانات.
قلت:
بلى، لقد تذكرت نهيه r عن إتخاذ ظهور الدواب منابر، معللا ذلك بقوله: (فرب مركوبة
خيرا أو أكثر ذكرا لله تعالى من راكبها)[1]
قال:
ستسألني عن كيفية اتخاذ الحيوانات قدوة في الإتقان، وعن تأصيل ذلك.