قلت: بلى، فقد وصف الله تعالى رزقه
بالحسن، فقال:﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا
أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ
خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ (الحج:58)
قال: لتعرف مدى ما يحمله رزق الله
من الحسن قارن بين أرزاق الله التي تحملها سنابل القمح وحبات الثمر وأعشاب الأرض
وبين السموم التي تصنعونها كل حين.
قلت: صدقت، فأرزاق الله غذاء ودواء،
وأرزاقنا داء وسموم.
قال: ذلك لأنكم انشغلتم بالأكل،
فعبدتموه من دون الله، فهم أحدكم من يومه جميعا ما يأكله وما يشربه، فلم تكتفوا
بما خلق الله لكم من أصناف الموائد التي تتناسب مع أجهزتكم، بل رحتم تبدلون
وتغيرون وتتفننون مما أوقعكم في الهلكة، وأوقع أجهزتكم في العطب.
قلت: فما المثال الرابع؟
قال: خلق الكون بهذا البناء الرائع
الذي لا تملك القلوب المؤمنة إلا التسبيح عند رؤيته .. ألم يأمر الله بالنظر في
السموات والأرض؟
قلت: بلى، فقد قال تعالى:﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا
يُؤْمِنُونَ﴾
(يونس:101)
قال: ففي كون الله من آيات الإتقان
والحسن ما يحرك القلوب المؤمنة، لا لمجرد
اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 69