اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 40
صحت: بل أرضى بالقليل، فما فائدة
الكثير الذي يرهقني، ثم لا أستفيد منه.
قال: فهذا القليل تحول بسبب مباركة
الله له إلى كثير، بل إلى ما هو أفضل من الكثير .. أجبني .. لو خيرت بين أن يكون
لك عشرة من البنين، وكلهم عاق ومنحرف، وبين أن يكون لك ولد واحد، ولكنه بر تقي
وصول، فأيهما تختار؟
قلت: بل الولد الواحد، فما فائدة
العشرة التي لا تزيدني ولا تزيدهم إلا ضياعا وضلالا.
قال: فقد بورك إذن في الولد الواحد
بسبب تقواه فصار أفضل من العشرة.
قلت: فقد فهمت إذن، فالشيء يبقى هو
نفسه، ولكن الله تعالى يبارك فيه بحمايته من الآفات، فيصبح بتلك الحماية كافيا.
قال: ليس هذا فقط، بل إن الله
برحمته وبركته يمده من الزيادة ما لا نستطيع أن نتعرف عليه .. فليس العالم شهادة
فقط .. وكما للحكمة مظاهرها، فللقدرة مظاهرها.
قلت: لقد نبهتني إلى نوع مهم من
الغنى لا يفطن له كثير من الفقراء.
قال: ما هو؟
قلت: إن الله يبارك في كثير من
أولاد الفقراء، فينجحون في حياتهم، بل يكونون سببا في خروج آبائهم من ضائقة الفقر،
بينما يتيه أولاد كثير من الأغنياء في أودية الغفلة .. فهذا من بركات الفقر على
أهله.
قال: لا تفهمني خطأ، فالبركة تشمل
الغني والفقير، ونحن لا نفضل أحدهما، بل للبركة أسبابها التي تحل بمن تحقق بها.
اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 40