اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 344
قلت:
لقد رأيت بعض قومي يوزع درجات الجنة على اليهود والنصارى والمنافقين والفاسقين
تأليفا لقلوبهم.
قال:
فما دام قد ضمن لهم الجنة، فلأي شيء يؤلف قلوبهم؟.. هو يخونهم ويخدعهم ويغرهم عن
أنفسهم .. لا ينبغي أن نبيع الحق بالأهواء .. فالحق أحق أن يتبع .. والعدل يتحقق
بالصدق، لا بالخداع والكذب.
قلت:
وبم تأمرنا الكلمة الرابعة، والتي نص عليها قوله تعالى:﴿ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا
أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ﴾؟
قال:
تأمر بما تسمونه بالموضوعية العلمية .. فالعدل يقتضي البعد عن الذاتية، وكل ما
يؤدي إليها.. فقد أمرتم بالإيمان بكل ما يأتيكم من الله، ولذلك لا تتعاملوا مع
المخالفين من منطق أنكم أصحاب الحق المحتكرين له، وإنما من منطق الباحثين عن الحق.
قلت:
ولكنننا أصحاب الحق.
قال:
فرق بين أن تكون صاحب حق، وبين أن تحتكره .. صاحب الحق هو الذي يرجع الأمر لأهله
.. أما المحتكر، فهو لا ينظر إلا إلى نفسه، وما يتطلبه هواه.
قلت:
فما الكلمة الخامسة التي هي واسطة العقد؟
قال:
قوله تعالى:﴿ وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ ﴾، فالعدل ينطلق من النفس المؤدبة بآداب
العبودية، ولهذا جاء الأمر فيها بهذه الصيغة، صيغة الإلزام الألهي الذي لا يترك
للنفس أي خيار.
اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 344