اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 331
قال:
أكثرها مما يمكن الاستغناء عنه .. فقد جعل الله في دار ضيافته ما يغني عن أكثر ما
يملأ حياتكم عبثا.
قلت:
وعيت هذا .. فما مصالح الآخرة التي ينشغل بها عن أكثر لهو الدنيا وعبثها.
قال:
أما العارفون، فقد انشغلوا بالله عن كل شيء .. فهم في حمى الله، وفي كنفه، عجلت
لهم جنانهم، فهم يروحون عليها ويغدون.
قلت:
هم ﴿
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴾ (الواقعة:14)، فحدثنا عن الأكثرين.
قال:
لقد لاح لهم من نفحات الجنة ما جعل جميع حركاتهم تنتظم متوجهة إليها .. فلذلك
امتلأت حياتهم بالراحة، كما امتلأت حياة قومك بالعناء.
قلت:
كيف تقول عن قومي هذا.. وهم من هم؟
قال:
إن الضنك النفسي الذي يعيشه قومك نتيجة الانشغال بالمصالح التي يوهمون أنفسهم بها
لا يعوضه أي مكسب كسبوه أو دنياه استفادوها، فما الدنيا إلا لأهل الطمأنينة
والسلام.
قلت:
ما دام أهل الآخرة متوجهون إلى الآخرة توجها كليا، فكيف يتجهون إلى الدنيا، وهل
عندهم من الفراغ ما يجعلهم يتوجهون إليها؟
قال:
ألم أقل لك: إن أهل الآخرة لا يفرقون بين الدنيا والآخرة، فهم يعيشون الدنيا
بأجسادهم، ويعيشون الآخرة بهممهم وأرواحهم، كما قال a:(ليس بخيركم من ترك دنيا
لآخرته، ولا آخرته لدنياه حتى يصيب منها جميعا، فإن الدنيا بلاغ الآخرة،
اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 331