اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 30
قلت: هو ذا ما أردت، فالله تعالى قال في كتابه:﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ
وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذريات:56)، وفي الاشتغال بالكسب ترك ما خلق المرء لأجله
وأمر به من عبادة ربه.. وقال تعالى:﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ
وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ
لِلتَّقْوَى﴾ (طـه:132)، والخطاب وإن
كان لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فالمراد أمته، فقد أمروا
بالصبر والصلاة وترك الاشتغال بالكسب لطلب الرزق، فالله قد ضمن الرزق لعباده، ولا
أظن ابن عطاء الله إلا استنبط قوله:(اجتهادُكَ فيما ضَمِنَ لكَ، وتقصيرُكَ فيما طَلَبَ منكَ،
دليلٌ على انْطماسِ البصيرةِ منْكَ) إلا من هذه الآية.. وقال ..
قال المعلم:
رويدك .. هذه شبهة تحتاج إلى تأن في طرحها، وهي شبهة قديمة، لذلك سنعرض ما تستند
إليه واحدا واحدا، لنبين وجه الحق فيه ووجه الباطل.
قلت: نعم، فقد
رسخت في بعض آثار هذه الشبهة من كتب قرأتها، ومن واقع عشته.
قال: أما الآيتين اللتين أوردتهما،
فإن الذي قالهما هو الذي حث على السعي في الأرض ابتغاء لرزق الله، فقد قال تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ
الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ
النُّشُورُ﴾
(الملك:15)، أي فسافروا حيث شئتم من
أقطارها، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات.
قلت: ولكن الله تعالى ضمن الرزق لعباده، فقال:﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي
الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا
وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ (هود:6)
قال: وهذا صحيح، وهل تتصور الإنسان
بسعيه يسعى لأجل صنع رزقه؟
اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 30