responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 29

قال: أتجد تشبيها لهذا في واقع قومك؟

قلت: أجل، بل ما أسهل تشبيه هذا، فنحن مثلا في مؤتمراتنا ننزل كل نظير مع نظيره، فأصحاب المقامات العالية ننزلهم الفنادق الفخمة، ومن دونهم ننزلهم ما هو دونها، وهكذا، حتى لا يبقى إلا المتفرجون، فننزلهم الشوارع والساحات.

قال: فاجمع بين هذين المعنيين وابحث في سير الكمل من عباد الله، فسيتضح لك علو المقامات والدرجات التي ينزلها الساعي والعامل المحتسب.

قلت: فمن هم الكمل، وكيف كانوا؟

قال: أكمل الكمل هم الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وقد كانوا كلهم عمالا يأكلون من عمل أيديهم.

قلت: صدقت.. فقد ورد في الآثار أن نوحا كان نجارا يأكل من كسبه، وأن إدريس كان خياطا، وأن إبراهيم كان بزارا .. وأن داود كان يأكل من كسبه.. وغيرهم عليهم السلام.. ولكن في النفس شبهة أريد أن تأذن لي في ذكرها، وتصبر علي في طرحها، وفي الإجابة عليها، فإن لها بين قومي نظيرات.

قال: تريد أن تقول بأن في السعي انحطاط عن الهمة العلية، كما قال ابن عطاء الله:(إرادتُكَ التجريدَ مع إقامةِ الله إِيَّاكَ في الأسباب من الشَّهوة الخفيةِ، وإرادتُكَ الأسبابَ مع إقامةِ الله إِيَّاكَ في التجريد انحطاطٌ عن الهِمَّةِ العَلَيَّةِ) .. أو تريد أن تقول ما روي عن يوسف بن الحسين:(إذا رأيت المريد يشتغل بالرخص والكسب، فليس يجيء منه شيء) ؟

اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست