اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 296
الاحترام:
تقدمنا
إلى الباب الثاني من أبواب الخدمات، وقد علقت على بابه صورة، لست أدري هل كانت
كاريكاتورا ساخرا، أم أن صاحبها جاد فيما قصده، فقد صورت أناسا محترمين ببذلات
مهنهم، بعضهم أطباء، وآخرون قضاة، وآخرون أساتذة، بل بعضهم سياسيين وحكاما، وليس
في هذا كله أي غرابة، ولكن الغرابة هي وضعهم في مرتبة واحدة مع الكناسين
والحمالين، أو ما يسميهم بعض الفقهاء بأصحاب الصناعات الدنية.
سألت
المعلم عن سر هذه الصورة، والمعنى الذي ترمز له، فقال: هذا باب الاحترام، وهذه
صورته، فالعمال كلهم محترمون .. فلا وضيع بينهم ولا محتقر.
قلت:
ولكن الخلق يكادون يتفقون على شرف بعض الحرف ووضاعة بعضها، بل إن من الفقهاء من
اعتبروا الكفاءة في الحرفة، وقد سئل بعضهم عن تاجر قمح يقرأ بعض القرآن زوج ابنته
لرجل شلبي طحان، فهل الزوج كفء لها وهل العقد صحيح أو لا؟ فأجاب:(أنه ليس الزوج
كفء الزوجة ونكاحها باطل)[1]، وليس ذلك لأجل القرآن، لأن القرآن
ليس حرفة، وإنما لأجل التجارة.
قال:
وبم يستدلون على ذلك؟
قلت:
يروون في ذلك حديثا يقول: (الناس أكفاء إلا الحائك والحجام)[2]، وهو