اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 24
لا يقل عن أجر المجاهد، فقد رأى بعض
الصحابة شاباً قوياً يسرع إلى عمله، فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله! فرد رسول
الله a عليهم بقوله: (لا تقولوا
هذا ؛ فإنه إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى
على أبوين شيخين كبيرين فهو سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفُّها فهو في
سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان)[1]
قلت: يا معلم كيف هذا؟.. والمجاهد
يذهب بنفسه وماله وقد لا يعود بواحد منهما، بينما العامل مطمئن في بيته يسعى على
رزقه.
قال: لأن كليهما مجاهد في سبيل
الله.
قلت: كيف!؟ .. فإن فهم هذا صعب.
قال: الجهاد الذي هو حمل السلاح لا
يكون في الشريعة إلا لطارئ، وهو أشبه بالحراحة التي يقوم بها الطبيب لنزع علة
معينة، أما الجهاد الذي هو حمل الفأس والضرب في الأرض، فإنه لعمارة الدنيا التي
أمرنا بعمارتها، فلا يليق أن نملأ الدنيا التي هي دار الضيافة الإلهية بالجهاد
المدمر، ولا نملؤها بالجهاد المعمر.
قلت: ولكن فضل الشهادة عظيم؟
قال: وفضل الحياة الممتدة في سبيل
الله أعظم، بل إن الله
تعالى قدم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضله على المجاهدين، فقال:﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ
فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ (المزمل: 20)