المترفون بالطاعة، فجنحوا إلى المعصية؟
قلت: بلى.
قال: فهل كان ذلك بإرادتهم؟
قلت: لو كانوا مكرهين لارتفع عنهم التكليف، ألم يقل a:(إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)[1]
قال: بل كانوا مكرهين .. ومع ذلك لم يرفع عنهم القلم.
قلت: أنت تخالف النص بذلك .. بل تخالف الإجماع .. فقد انعقد إجماع الأمة على عدم تكليف المكره .. بل تخالف القرآن الكريم، ألم يقل الله تعالى:﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (النحل:106)
قال: معاذ الله أن اخالف واحدا مما ذكرت .. ولكن نوع الإكراه الذي وقع فيه هؤلاء من الجنس الذي لا يرفع عن صاحبه العقوبة.
قلت: لقد تحدث الفقهاء عن شيء من هذا، فذكروا الإكراه الملجئ والإكراه غير الملجئ .. فما نوع هذا الإكراه؟
قال: هذا إكراه الترف لصاحبه .. فإن الشهوات إذا تغلغلت في كيان صاحبها تحكم سيطرتها عليه، فلا يستطيع منها انفكاكا.
قلت: هذا صحيح، ونحن نرى الرجل عندنا يدخن ويسرف في التدخين، فإذا
[1] رواه ابن ماجة والطبراني في الكبير والحاكم.