اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 195
الأمة من جهة الانتفاع بها.
قلت: اذكر لي مثالا يوضح لي هذا.
قال: من أوتي مالا بحيث استطاع أن
يجلب أنواعا من الرزق تحتاجها الأمة، سواء بالاتجار فيها، أو بصناعتها، فإنه يكون
بذلك قد تخلق باسم الله:(الرزاق) ويكون له من الأجر إذا نوى ذلك ما لا يخطر له على
بال.
قلت: ولكنه ينتفع بذلك، وهو يخدم
مصالحه.
قال: وما يهمنا إذا كانت مصالحه لا
تتعارض مع مصالح الأمة، بل تتوافق معها، أليس السلام هو توافق المصالح، والصراع هو
تضادها؟
قلت: بلى.
قال: فلذلك ينظر المؤمن الفقير إلى
الغني نظرة احترام لا نظرة حسد، لأنه يعتبره واسطة من وسائط الرزق لا تختلف عن
الأمطار الهاطلة والأرض الطيبة .. ألم تسمع قوله a:( الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون)[1]
قلت: بل روي في رواية أخرى:(الجالب
إلى سوقنا كالمجاهد في سبيل الله، والمحتكر في سوقنا كالملحد في كتاب الله)[2]
قال: ولهذا قرن الله تعالى الضاربين في الأرض بالمجاهدين في
سبيل الله، فقال:﴿ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ
يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ