اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 189
قال: أتعلم أن كل ما ذكرته من هذه
الطائفة نص عليه القرآن الكريم عند حديثه عن قارون.
قلت: إذن لقارون السبق في تأسيس هذه
الطائفة .. فكيف ذلك؟
قال: لقد ذكر الله تعالى أربعة انحرافات لقارون، كل انحراف
منها كاف لإدانته.
قلت: فما الانحراف الأول؟
قال: الظلم، وهو أول انحرفاته،
ولعله نال ماله بسببه، فقد قال تعالى:﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ
قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ ﴾ (القصص: 76)
قلت: وهو يمثل ما فعلته الرأسمالية
من ظلم وتسلط ونهب واستعمار واستعباد.
قال: لقد بدأ قارون بقومه.
قلت: وهم يبتز بعضهم بعضا وينهب
بعضهم بعضا إن لم يجدوا من ينهبون.
قال: والانحراف الثاني هو الفرح،
كما قال تعالى:﴿ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ
لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ (القصص: 76)، والفرح ـ
هنا كما في أكثر مواضع القرآن الكريم ـ يعني البطر والكبر والتعاظم واحتقار
المستضعفين.
قلت: وهم يفعلون ذلك معنا، فيسمون
أنفسهم العالم الأول، ونحن العالم الثالث، وهم العالم المتقدم، ونحن العالم
المتخلف .. ولأفرادهم من القيمة ما ليس للآلاف عندنا، فلا حرج عندهم أن يفتكوا
بالآلاف منا في سبيل واحد منهم.
قال: والانحراف الثالث، هو
الاستغراق في الدنيا، ونسيان الله والدار الآخرة، وهو ما يدل عليه قوله تعالى على لسان
المصلحين من قومه:﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ
اسم الکتاب : مفاتيح المدائن المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 189