responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 58

الکبر

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن الكبر، وعلاماته، وهل يمكن أن يتصف به السائرون في طريق الله، من المريدين أو الواصلين؟.. أو أولئك العلماء الذين توجهوا بكنه همتهم لطلب العلوم، فتعلموها، ثم تفرغوا لتعليمها والتصنيف فيها؟.. أم أنه خاص بالسادة والكبراء.. من ذوي الجاه العريض والمال الكثير..ممن أتيحت لهم المناصب، وتربعوا على العروش.

وجوابا عن سؤالك أذكر لك أن الكبر وغيره من مثالب النفس الأمارة ليس خاصا بمن ذكرت من الوجهاء والسادة، وإن كان عرضه باديا للعيان عليهم.. بل هو شامل لجميع الناس حتى أولئك المتسولين الشحاذين الذين يبدون كل أنواع الذلة، قد يكون فيهم من الكبر ما يوجد في فرعون نفسه.. لكنه احتبس عند الظهور لديهم، لعدم وجود البيئة المناسبة.. فإذا وجدت البيئة ظهر وبدا.

وقد أشار إلى ذلك قوله a: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر)([52])

فهذا الحديث الشريف يشير إلى أن الأخلاق ليست مرتبطة بظهورها للعيان، وإنما بذلك المحل الذي يمدها من عالم النفس الأمارة، ولذلك قال بعض الحكماء: (ما من إنسان إلا وفي باطنه ما صرح به فرعون من قوله: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى﴾ [النازعات:24]، ولكنه ليس يجد له مجالاً)

ولهذا عرفوا الكبر بأنه ذلك الاستعظام الذي تشعر به النفس الأمارة، وترى أن


[52] مسلم (107)، وأبو عوانة 1/40، والبيهقي 8/161، والبغوي (3591)

اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست