اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 54
ذكرهم القرآن الكريم، والذين امتلأوا
بالعجب بقوتهم، كما قال الله تعالى عنهم: ﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا
فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنا قُوَّةً أَوَلَمْ
يَرَوْا أَن الله الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا
بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي
أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ [فصلت: 15، 16]
وأما الثالث.. وهو العجب بالعقل
والكياسة والتفطن لدقائق الأمور، وهو ما يثمر الاستبداد بالرأي، وترك المشورة،
واستجهال المخالفين.. وعلاجه (أن يشكر الله على ما رزق من العقل، ويتفكر أنه بأدنى
مرض يصيب دماغه كيف يوسوس ويجن بحيث يضحك الناس منه، ولا يأمن أن يسلب عقله إن
أعجب به ولم يقم بشكره، وليستقصر عقله وعلمه، وليعلم أنه ما أوتي من العلم إلا
قليلا، وإن اتسع علمه وأن ما جهله مما عرفه الناس أكثر مما علمه، فكيف بما لم
يعرفه الناس من علم الله تعالى.. وأن يتهم عقله وينظر إلى الحمقى كيف يعجبون
بعقولهم ويضحك الناس منهم، فيحذر أن يكون منهم وهو لا يدري فإن قاصر العقل قط لا
يعلم قصور عقله فينبغي أن يعرف مقدار عقله من غيره لا من نفسه ومن أعدائه لا من
أصدقائه، فإن من يداهنه يثني عليه فيزيده عجبا وهو لا يظن بنفسه إلا الخير ولا
يفطن بجهل نفسه فيزداد به عجبا)
وأما الرابع.. فالعجب بالقومية
والعرق والنسب، وخاصة إن كانت مرتبطة بالصالحين.. وعلاجه (أن يعلم أنه مهما خالف
آباءه في أفعالهم وأخلاقهم فظن أنه ملحق بهم فقد جهل، وإن اقتدى بآبائه فما كان من
أخلاقهم العجب، بل الخوف والإزراء على النفس واستعظام الخلق ومذمة النفس، وقد
شرفوا بالطاعة والعلم والخصال المحمودة، لا بالنسب، فليتشرف بما شرفوا به.. بالإضافة
إلى ذلك، فقد ساواهم في النسب، وشاركهم
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 54