اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 504
العجله
و الطیش
كتبت إلي ـ أيها
المريد الصادق ـ تسألني عن
العجلة والطّيش وما يرتبط بهما من النّزق وخفّة العقل، وما يؤديان إليه من التهور
والتسرع والحمق
والسفاهة، وما يقضيان عليه من التأني والحلم والرفق والوقار.. ومنابع ذلك، وثماره،
وكيفية تخليص النفس الأمارة منه.
وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك
أن العجلة هي أم كل ما ذكرت من مثالب، ومعدنها، ومنبعها، فهي تؤدي إلى الطيش
والتسرع في اتخاذ القرارات، وكل ذلك يجعل المتخلق بها متهورا سفيها، تغلب عليه
الحماقة، ويبتعد عنه الوقار والحلم والتؤدة.
ولذلك وصف الله تعالى بها الملأ
الذين واجهوا الأنبياء عليهم السلام، وردوا قولهم، واعترضوا على الحجج التي جاءوهم
بها مع وضوحها وقوتها.. ولو أنهم اتأدوا قليلا، ورجعوا إلى أنفسهم، وأتاحوا
لعقولهم الفرصة للتفكر والتأمل والتدبر، لربما كان حالهم مختلفا تماما.
ولهذا اتفق الحكماء على أن (الأناة
حصن السّلامة، والعجلة مفتاح النّدامة)، وقالوا: (التّأنّي مع الخيبة خير من التّهوّر مع
النّجاح)([868])
ولهذا أخبر رسول الله a أن (التأنّي من الله، والعجلة من الشّيطان،
وما أحد أكثر معاذير من الله، وما من شيء أحبّ إلى الله من الحمد)([869])
وأثنى الرسول a على الرفق الناتج عن الهدوء
والتؤدة، فقال: (إنّ الله عزّ وجلّ ليعطي على الرّفق ما لا يعطي على الخرق، وإذا
أحبّ الله عبدا أعطاه الرّفق. ما من أهل بيت