اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 478
وأخبر عن انتشار هذا الصنف في أمته في
العصور التي يفشو فيها التقليد البعيد عن التحقيق، فقال: (يذهب الصّالحون الأوّل
فالأوّل، ويبقى حفالة، كحفالة الشّعير([823])،
أو التّمر لا يباليهم الله بالة([824]))([825])
وقال الإمام علي مخاطبا صاحبه كميل بن
زياد: (يا كميل: إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير، والنّاس ثلاثة: فعالم
ربّانيّ، ومتعلّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كلّ ناعق، لم يستضيئوا بنور
العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق)، ثم قال: (أفّ لحامل حقّ لا بصيرة له، ينقدح الشّكّ
في قلبه بأوّل عارض من شبهة لا يدري أين الحقّ، إن قال أخطأ، وإن أخطأ لم يدر،
مشغوف بما لا يدري حقيقته، فهو فتنة لمن فتن به)
وقال ابن مسعود: (كنّا في الجاهليّة نعدّ
الإمّعة الّذي يتبع النّاس إلى الطّعام من غير أن يدعى، وإنّ الإمّعة فيكم اليوم
المحقب([826]) النّاس دينه)([827])،
وقال: (ألا لا يقلّدنّ أحدكم دينه رجلا إن آمن آمن، وإن كفر كفر، فإنّه لا أسوة في
الشّرّ)([828])
وفي مقابل هؤلاء أولئك الذين يرفضون
الحق من غير أي برهان، ولا دليل، وإنما بالهوى المجرد، كما قال تعالى:﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾ (الحج:8)
وعاتب أهل الكتاب الذين يحاجون فيما ليس لهم به علم، فقال:
﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ
[823]
الحفالة والحثالة: الرديء من كل شيء، والحفالة أيضا بقية الأقماع والقشور في
التمر والحب.
[824]
لا يباليهم اللّه بالة: أي لا يرفع لهم قدرا ولا يقيم لهم وزنا.