اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 449
والبغاة وكل المحرفين والمنحرفين.
ولذلك يذكر القرآن الكريم في
مواضع كثيرة أن المسلمين سيتعرضون للبلاء في هذا الجانب في حياة رسول الله a وبعده؛ فالاختبار سنة إلهية
لتمييز الطيب من الخبيث، والنفوس الأمارة عن النفوس المطمئنة، قال تعالى: ﴿أَمْ
حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا
مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا
الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة:
16]
وهكذا، فإن القرآن الكريم يحذر من
حصول التمرد على قيم الدين بعد وفاة رسول الله a، في آيات كثيرة منها قوله تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا
رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ
انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ
يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران:
144]
وهكذا حذر رسول الله a من وقوع التحريف في الدين،
واستبدال قيم السلام والسماحة والأخلاق النبيلة فيه إلى القيم المنافية لها، والتي
تحولت الأديان بسببها إلى أدوات للصراع والظلم والاستبداد، ففي الحديث قال a: (ما كان نبي إلا كان له حواريون
يهدون بهديه، ويستنون بسنته، ثم يكون من بعده خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويعملون
ما تنكرون)([771])
وأخبر عن الدور الذي يقوم به
الساسة في التحريف، ذلك أنه لا يمكن للمستبدين الظلمة أن يمكنوا لأنفسهم في ظلال
القيم الدينية الأصيلة؛ فلذلك يقومون بثورة مضادة على قيم الدين، لتتحول الرعية
إلى سدنة للحاكم، ومطيعة لأمره ونهيه ولو على حساب قيم