اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 448
الحق هو ضعف الإيمان، وعدم حصوله
على اليقين الكافي الذي يجعل صاحبه مستسلما استسلاما كليا لمقتضياته.
ولذلك كان أول العلاج هو تحقيق
اليقين، وتحويل الإيمان من مجرد معارف ذهنية محدودة إلى حقائق يقينية بينة، يشعر
بها صاحبها، بل يراها رأي العين.
ولذلك قالوا بعد ذلك: ﴿فَاقْضِ
مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [طه: 72]؛
فقد أدركوا أن الحياة التي يهددهم فرعون بسلبها منهم ليست سوى حياة دنيا، وأن هناك
حياة أخرى تنتظرهم أشرف وأكرم، وأمرها ليس بيده، ولكن بيد الله تعالى.
ولذلك راحوا ينحازون إلى الجناب
الإلهي لأن الحياة الحقيقية عنده، لا عند فرعون، ولذلك قالوا: ﴿ إِنَّا
آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ
مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [طه: 73]
ثم ذكروا له العواقب التي ينالها
المقصرون في نصرة الحق، أو المنحازون إلى الباطل، فقالوا: ﴿إِنَّهُ مَنْ
يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا
يَحْيَى﴾ [طه: 74]
وذكروا له في مقابل ذلك الجزاء
العظيم الذي يناله من وقف مع الحق ونصره، فقالوا: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ
مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى
(75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى﴾ [طه: 75، 76]
وكل هذه الحقائق هي التي يمكنها
أن تملأ النفس بالشجاعة والقوة، وتخلصها من الجبن والخور، حتى تستطيع أن تؤدي
وظائفها المرتبطة بالموقف من الحق ونصرته.
ولذلك كان سعيك لتحصيل هذه
المعاني ـ أيها المريد الصادق ـ هو العلاج الذي يطهر أرض نفسك من هذا الوباء
الخبيث الذي أخبر الله تعالى أن كل الأمم ابتليت به.. فلا يكفي أن تدعي الإيمان،
ما لم تقم بنصرة أهله الصالحين؛ وتواجه الناكثين والقاسطين والمارقين
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 448