اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 441
ومن تلك الحدود ألا تنسجم نفوسنا مع الباطل، وتقره، وتذعن له،
بحجة التسامح وحرية الفكر والرأي.. فليس من ولاية الله أن يسمع مسلم ملحدا يسخر
بالله أو يستهزئ به، ثم لا يتحرك له جفن، ولا يهتز له عرق، وكأن شيئا لم يحصل، مع
أنه لو تعرض أحد لأبسط شيء يتعلق به لقامت قيامته، وتخلى عن كل ألوان التسامح
والعفو وسعة الصدر.
وهذا المعنى هو الذي يشير إليه قوله تعالى مخبرا عن بعض عقائد
أهل الكتاب أو غيرهم من الأديان ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا
﴾ [مريم: 88]، ثم بين تأثير هذه الكلمة العظيمة على الكون جميعا، وكيف ينفعل
لها، فقال: ﴿ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ
يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90)
أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ
يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴾ [مريم: 89 ـ 92]
ولهذا فإن عدم اهتزاز قلب المؤمن لما يقال في حق الله مما لا
يتناسب مع جلاله وعظمته وقدره هو ضعف في الإيمان، وقصور فيه؛ ولهذا كان رسول الله a يتأثر كثيرا بسبب ما يقع فيه المشركون وغيرهم من أنواع الضلالة،
كما قال تعالى: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا
مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: 3]
فاستن ـ أيها المريد الصادق ـ بسنة نبيك a في اللين والشدة، وفي كل شيء.. فهو حامل راية الهداية، وهو السراج
المنير، ومن استضاء بغيره أطبقت عليه الظلمات، وانحرف عن الهدى، وسلك سبيل
الغواية.
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 441