responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 430

وقد بدأ الله تلك السورة بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ﴾ [الممتحنة: 1]، وهو نهي صريح عن نصرة ومحبة أعداء الله وأعداء المؤمنين، والذين وصفتهم الآية الكريمة بأنهم ﴿كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي﴾ [الممتحنة: 1]

فالآية الكريمة لم تصفهم بالكفر الذي هو اختيارهم الشخصي فقط، وإنما وصفتهم بالعداوة للمؤمنين، وإخراج الرسول a والذين آمنوا معه بسبب إيمانهم.. وهو دليل على أن كفرهم ليس كفرا مرتبطا بعدم الاقتناع ببراهين الإيمان، وإنما كفر ناشئ عن الاستكبار والاستعلاء والظلم.

ولذلك كان الموقف منهم هو الموقف من الظلم نفسه، لأن الظلم والعدوان والكبرياء تجلت فيهم، فصاروا مظهرا لها.. ولذلك صار من أحبهم محبا للظلم، ومن ناصرهم مناصرا له.. ولا يمكن أن يجتمع حب الظلم وحب العدل في مكان واحد.

ولذلك لم ينه الله تعالى المؤمنين عن المودة والبر الذي يبذلونه لمن يخالفهم في دينهم إذا لم يكن معتديا ولا ظالما ولا مستكبرا، كما قال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]

بل إنه دعا إلى اللين لهم وتأليف قلوبهم والتعامل معهم بكل ما يقتضيه اللطف من أخلاق، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ [العنكبوت: 46]، وهي آية ترسم العلاقة بين المسلمين وغيرهم من المسالمين، وهي علاقة مبينة على الحوار لا على الصراع، وعلى الألفة لا على العداوة إلا الظالمين الذين لا

 

 

اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 430
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست