اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 365
وذكر رسول الله a صورة من صور ذلك العذاب، فقال
لمن أخذ رشوة على عمله: (ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي؛ أفلا قعد
في بيت أبيه أو في بيت أمّه حتّى ينظر أ يهدى إليه أم لا؟ والّذي نفس محمّد بيده!
لا ينال أحد منكم فيها شيئا إلّا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه بعير له رغاء
أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر) ([577])
وفي حديث آخر ذكر رسول الله a عقوبة أعظم من هذه، وهي إعراض
الله تعالى عن آكل الحرام، فقد روي أنه: جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النّبيّ
a، فقال الحضرميّ: يا رسول الله،
إنّ هذا قد غلبني على أرض كانت لأبي. فقال الكنديّ: هي أرضي في يدي أزرعها ليس له
فيها حقّ. فقال رسول الله a للحضرميّ (أ لك بيّنة؟)
قال: لا. قال: (فلك يمينه) قال: يا رسول الله إنّ الرّجل فاجر لا يبالي على ما حلف
عليه، وليس يتورّع من شيء. فقال (ليس لك منه إلّا ذلك) فانطلق ليحلف، فقال رسول الله
a لمّا أدبر: (أما لئن حلف على
ماله ليأكله ظلما، ليلقينّ الله وهو عنه معرض)([578])
وقد ورد في القرآن الكريم ما يشير إلى أن
عقوبة آكل الحرام لا تؤجل للآخرة فقط، بل قد تعجل في الدنيا، فقد قال تعالى في
التحذير من أكل مال اليتامى: ﴿وَلْيَخْشَ
الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ
فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [النساء: 9]، وهو تذكير لآكلي أموال
اليتامى بأنهم قد يتركون ذرية ضعافا يستولي غيرهم على أموالهم، مثلما يفعلون هم مع
أموال غيرهم.
ثم ذكر بعدها العقوبة الأخروية،
فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ
الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ
سَعِيرًا﴾ [النساء: 10]