اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 364
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ فاعلم أن أكل الحرام من أسباب العقوبة الإلهية في الدنيا والآخرة.. ذلك
أن آكل الحرام من المعتدين الظالمين.. إما على حدود الله، بتجاوزه لها، وأكله مما
حرم الله عليه.. أو على خلق الله حين راح يفتي لنفسه بأكل أموالهم بالباطل.
وقد أشار الله تعالى في قصة آدم
عليه السلام وأكله من الشجرة إلى هذا، ذلك أن تلك الشجرة التي حرمها الله عليه
كانت سببا في خروجه من الجنة، التي كان يعيش فيها براحة وسعادة تامة، حيث خوطب فيها
من الحق تعالى بقوله: ﴿ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ
فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى﴾
[طه: 118، 119]
لكنه مباشرة بعد أكله من الشجرة،
أصابه شؤمها فسقط عنه لباس الرخاء ليلبس لباس التعب والعناء، قال تعالى: ﴿
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ
عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ [طه:
121]
وهكذا أخبر تعالى عن جزائه للذين:
﴿أَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ﴾ (الفجر: 12) بأنه: ﴿صَبَّ
عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ﴾ (الفجر: 13)
ولهذا أخبر الله تعالى أن ﴿الَّذِينَ
يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ
نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10]
وفي
الحديث عن رسول الله a أنه قال: (إنّه لا يربو لحم نبت من سحت إلّا كانت النّار أولى به)([574])،
وقال: (من لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال اللّه من أين أدخله النار)([575])،
وقال: (كلّ لحم نبت من حرام فالنّار أولى به) ([576])
[574]
الترمذي(614) وقال: هذا حديث حسن غريب، والنسائي(7/ 160) والحاكم (4/ 422).