responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 342

وهكذا، فإن لو تأملت كل ما ذكرته لك من مثالب لوجدت أنها ناتجة عن الظلم، ونابعة منه.. لذلك كان الظلم أساسا من أسس الشر، ومنبعا من منابع الرذيلة، ولا يمكن أن تتطهر النفس إلا بعد أن تتخلص منه كليا.. فكل ذرة ظلم يمكنها أن تحطم كل القيم التي اكتسبها الإنسان.

ولذلك شرط الله تعالى النجاة باتقاء الظلم، فقال: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82]، فالظلم في الآية الكريمة يشمل كل تبديل للأوضاع على ما هي عليه في الواقع، سواء كان ذلك التبديل في عالم الحقائق، أو في عالم القيم.. ولذلك فإن الأمن الحقيقي لا يناله إلا من وضع الأمور في مواضعها الصحيحة، وفق ما هي في الواقع، لا وفق ما تملي عليه الأهواء.

إذا عرفت ذلك ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن الظلم ـ كما يغذي كل المثالب، وينميها ـ فإنه كذلك يتغذى منها، ويكبر بسببها؛ فالشر يتزود بعضه من بعض، ويربي بعضه بعضا، إلى أن يصل إلى الحالة التي لا يمكن للنفس السيطرة عليها.

لذلك كان على العاقل أن يراقب نفسه الأمارة بالسوء قبل أن تستفحل فيها الأدواء؛ فيخرج الأمر من يدها، بعد أن يطبع على القلب، ويختم عليه، فلا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، بل قد يصبح المعروف عنده منكرا، والمنكر معروفا، لأن الهوى صار المتحكم.

وقد أشار الله تعالى إلى ذلك، فقال: ﴿ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [الروم: 29]

ولذلك كان الظلم هو أداة الضلالة، فلا يضل السبيل إلا من ظلم الحقائق؛ فوضعها في غير مواضعها، وظلم نفسه، فأنزلها غير منزلتها، وظلم الخلق؛ فتعامل معهم بغير ما أمر أن يتعامل به.

 

اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 342
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست