اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 341
لبغی و الظلم
كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني
عن البغي والظلم ما يرتبط بهما من التعدّي والاستطالة وكل أصناف العدوان، وعن
المنابع التي تنبع منها، والثمار التي تثمرها، وكيفية تهذيب أرض النفس من أشواكها
وحجارتها ونيرانها وحياتها وعقاربها.
وكل هذه الأسئلة وجيهة؛ فلا يمكن لمن
يسير في طريق الله، إلا أن يكون مسالما طيبا متلئا بالعدل الذي ينافي الظلم،
والمحبة التي تنافي الظغينة، فأرض نفوس الطيبين طاهرة من كل هذه المثالب، ولذلك لا
تثمر إلا الثمار اليانعة الطيبة.
أما النفوس الأمارة، فهي نفوس ممتلئة
بالظلم، ولولا الظلم ما كان في النفس كل تلك الأمراض والمثالب والمهلكات، ذلك أن
السبب الأول فيها هو وضعها للأمور في غير موضعها، كما قال تعالى في تحديد معنى
الظلم: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ
فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا
يَفْسُقُونَ﴾ [البقرة: 59]
فأول صفات الظالمين هي التبديل المبني
على الأهواء والأمزجة، لا على الحقائق، ولذلك فإن المعجب بنفسه ظالم لها، ذلك أنه
يعطيها فوق حقها، ويصورها بغير صورتها، وذلك ما يحول بينه وبين السعي إلى إكمالها
وتهذيبها وتربيتها.
ومثل ذلك المستكبر؛ فهو يبدل مراتب
الخلق، ويتلاعب بها، ويضع نفسه في المرتبة الأعلى، ويطلب من غيره أن ينحني ويذل
له، بمجرد اعتباره لنفسه كذلك.
ومثل ذلك المغرور الذي يتوهم أنه من
يصنع الحقائق، ويضع معايير القيم.. لا الله تعالى خالق الخلق، ومدبر الأمر، ومنظم
شؤون الكون.
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 341