اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 335
فالأمر ليس كذلك، بل إن للكذب
حدودا شرعية، قد يباح فيها للضرورة التي تستدعي ذلك، ومنها ما نص عليه قوله تعالى:
﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ
الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا
أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ﴾ [آل عمران: 28]
فالآية الكريمة تجيز للمؤمنين في
حال الضرورة، وخشيتهم على أنفسهم أو دينهم من أعدائهم أن يكذبوا عليهم، ولا يصرحوا
بمعتقداتهم حفاظا عليها وعلى أنفسهم.
ومنها ما روي عن رسول الله a أنه قال: (ليس بكذّاب من أصلح
بين اثنين فقال: خيرا أو نمى خيرا)([516])
و قال: (كلّ الكذب يكتب على ابن آدم
إلّا رجل كذب بين رجلين يصلح بينهما)([517])
وقال: (مالي أراكم تتهافتون في الكذب
تهافت الفراش في النّار، كلّ الكذب مكتوب كذبا لا محالة إلّا أن يكذب الرّجل في
الحرب فإنّ الحرب خدعة، أو يكون بين رجلين شحناء فيصلح بينهما، أو يحدّث امرأته
يرضيها)([518])
وفي حديث آخر عن بعض أصحاب رسول
الله a أنه قال: (ما سمعت رسول الله a يرخّص في شيء من الكذب إلّا في ثلاث: الرّجل يقول
القول يريد به الإصلاح، والرجل يقول القول في الحرب، والرّجل يحدّث امرأة والمرأة
تحدّث زوجها)([519])
وفي حديث آخر عن بعض أصحاب رسول الله a أنه قال: وقع بين رجلين من
أصحاب النبيّ a كلام حتّى تصادما، فلقيت أحدهما فقلت: مالك ولفلان فقد سمعته يحسن الثناء
عليك، ولقيت الآخر فقلت له مثل ذلك حتّى اصطلحا، ثمّ قلت: أهلكت