اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 336
نفسي وأصلحت بين هذين فأخبرت النبيّ a فقال: (يا أبا كاهل
أصلح بين الناس)([520]) أي ولو بالكذب.
وفي حديث آخر أن رجلا قال للنبيّ a: أكذب أهلي؟ فقال a: (لا خير في الكذب)، قال:
أعدها وأقول لها؟ قال: (لا جناح عليك)([521])
وإياك ـ أيها
المريد الصادق ـ بعد كل هذا أن تقع في البهتان والحديث في
أعراض الناس والقذف وغيرها من أعظم الجرائم؛ فهي جرائم عظيمة لا تقل عن قتل النفس
بغير حق، وهي لا تصيب بأذاها ذلك الذي قذفته فقط، وإنما تصيب المجتمع جميعا،
وتملؤه بالفواحش والمنكرات.
لقد أشار الله تعالى إلى آثار ذلك
في آيات كثيرة في سورة النور حين تحدث عن حادثة الإفك، وكيف استثمرها الشيطان في
الفساد والإفساد، وكيف غضب الله تعالى على من أشاع ذلك الإفك العظيم، وفي حق عرض
أشرف خلق الله محمد a.
فاقرأها.. لا باعتبارها تذكر
حادثة تاريخية، وإنما لتربي بها نفسك، وتهذب بها أخلاقك، لتكون من أهل ذلك النور
الذي ورد في السورة؛ فهو نور لا يتنزل إلا على القلوب الصافية التي هي مثل ذلك
الزيت النقي الذي﴿ يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾
[النور: 35]
لقد ذكر الله تعالى عظم ذلك
البهتان، فقال: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ
بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ
عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ [النور: 15]
ثم بين منهج التعامل مع أمثال تلك
الافتراءات، فقال: ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ