اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 334
وفي حديث آخر روي أن رجلا جاءه
يسأله أن يحمله على بعير، فقال له a: (لا أحملك إلا على ولد الناقة!) فقال: يا رسول الله، وماذا أصنع
بولد الناقة؟! ـ انصرف ذهنه إلى الحُوار الصغير ـ فقال a: (وهل تلد الإبل إلا النوق؟)([514])
وروي أن امرأة جاءت إلى النبي a، فقالت: إن زوجي يدعوك، فقال a: (ومن هو؟.. أهو الذي بعينه
بياض؟)، قالت: والله ما بعينه بياض! فقال a: (بلى إنّ بعينه بياضاً)، فقالت: لا، والله، فقال a: (ما من أحد إلا بعينه بياض) ([515])
هل رأيت ـ أيها المريد الصادق ـ
كيف أنه يمكن بالصدق أن تعيش حياة طيبة غير متكلفة، وليس فيها أي أذى.. ذلك أن
الله تعالى ما حرم شيئا إلا وأعطى البدائل التي تغني عنه.
ولذلك إن اضطررت إلى الكذب في بعض
المواضع التي تكون فيها مصلحة شرعية معتبرة لا تلجأ إلى الكذب الصريح حتى لا تتعود
نفسك عليه، بل الجأ إلى المعاريض، فقد روي في الآثار أن (في المعاريض ما يغني
الرّجل عن الكذب)
ومن أمثلتها ما روي عن بعضهم أنه
قال: (إذا بلغ الرّجل عنك شيء فكرهت أن تكذب فقل: إنّ الله ليعلم ما قلت من ذلك
من شيء، فيكون قوله: (ما) حرف النفي عند المستمع وعنده للإبهام)
و كان بعضهم إذا طلبه في الدّار من
يكرهه يخطّ دائرة، ويقول لأهل بيته: ضعوا الإصبع فيها، وقولوا: (ليس هاهنا)
وإياك ـ أيها المريد الصادق ـ أن
تفهم من هذا إباحة التعريض فيما لا ضرورة فيه؛