اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 327
والتبديل، لكنهم عندما لم يطيقوا
ذلك راحوا يحرفون الحقائق والقيم ويشوهونها، ويضيفون إلى رسول الله a ما لم يقله، ليخلطوا الحق
بالباطل، أو ليلبسوا الحق ثوب الباطل.
ولهذا ورد التحذير الشديد من
الكذب على رسول الله a،
قال a: (من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ
مقعده من النار) ([496])
ومثل ذلك في الاجتهاد، والذي قد
تدخله الأهواء، وتتلاعب به الأمزجة، وتتداخل فيه المصالح، فيحلل المحرم، ويحرم
الحلال، افتراء على الله، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ
أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى
اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا
يُفْلِحُونَ﴾ [النحل: 116]
وقد أشار الله تعالى إلى سنة المجتمعات
بعد أنبيائها في ذلك، فقال: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا
الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا
وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ
مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا
مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا
تَعْقِلُونَ ﴾ [الأعراف: 169]
وأعطى في آيات أخرى أدوية كثيرة
لعلاج هذه الحالة المستعصية، وأولها أن يعلم المجتهد أنه موقع عن رب العالمين، وأن
الشريعة شريعة الله لا شريعته، لذلك لا يحل له إقحام عقله وهواه ومزاجه فيها، قال
تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ
فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى
اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴾ [يونس: 59]
ثم بين عاقبة هؤلاء المفترين،
فقال: ﴿وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ
[496]
رواه البخاري ومسلم وغيرهما، قال المنذري: هذا الحديث قد روي عن غير واحد من
الصحابة في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها حتى بلغ مبلغ التواتر.
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 327