وهي تشير إلى أن اليهود ـ مع كثرة
الأنبياء الذين أرسلهم الله إليهم ـ إلا أن نفوسهم الأمارة الممتلئة بالكذب وتزوير
الحقائق جعلتهم لا يستفيدون منهم، وهو ما يدل على أن الكذب والافتراء هو الحجاب
الأعظم بين الإنسان والحقائق.
وأخبر الله تعالى أن الكذب والافتراء هو
السبب في كل التحريفات التي حصلت للأديان، فقال: ﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ
بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾
[المائدة: 103]
ولهذا اعتبر الله تعالى في آيات
عديدة الكذب على الله والافتراء على دينه أعظم أنواع الظلم، ذلك أنه يشبه من يضع
السموم في الأدوية، فيصبح ملاذ الشفاء سبب الموت، قال تعالى: ﴿وَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ
لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الأنعام: 21]
ثم بين أن الكذب الذي أدمنوا عليه
في الدنيا، يبقى معهم في الآخرة، وأنهم يلجؤون إلى ما كانوا يلجؤون إليه في الدنيا
من الاحتيال على تشويه الحقائق بالقسم ونحوه، قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ
نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ
الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (22) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ
قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 325