اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 308
التي وجدوها في القرآن الكريم..
ذلك أن الله تعالى لا يوصف إلا بالكمال، وله الأسماء الحسنى.
ولذلك يمتنع أن يوصف بهذه الأوصاف
لسببين:
أولهما: أن الكيد والخداع دليل
على القصور والضعف، ولذلك يلجأ المخادع والكائد إلى تلك الطرق الخفية ليحقق
أغراضه، والله تعالى منزه عن ذلك؛ فله الكمال المطلق، والقدرة المطلقة التي لا
يعجزها شيء.
وثانيهما: أن هذه الألفاظ ـ بحسب
ورودها في القرآن الكريم وفي لغة العرب ـ اشتهرت في المثالب أكثر من اشتهارها في
المحاسن، ولذلك كان في وصف الله تعالى بذلك، تشويها لجلاله وجماله وعظمته، وخاصة
لمن لا يعرف أنواع دلالات هذه الألفاظ، واتساعها للحق والباطل، والخير والشر.
ولهذا؛ فإن كل النصوص المقدسة
التي ورد فيها ذكر المكر والخديعة والكيد منسوبا إلى الله تعالى لا يراد بها
الحقيقة، وإنما يراد بها الاستعارة ومجاز المقابلة، كما قال تعالى: ﴿وَجَزَاءُ
سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: 40]، وقال: ﴿فَمَنِ
اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾
[البقرة: 194]
ومثل ذلك ما اتفقت عليه الأمة
جميعا من استحالة النسيان على الله تعالى، وأن قوله تعالى: ﴿نَسُوا اللَّهَ
فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: 67]
ومثله ما ورد من نسبة الملل إلى
الله تعالى كما روي في الحديث عن رسول الله a أنه قال: (عليكم بما تطيقون، فوالله؛ لا يمل الله حتى تملوا)، وفي
رواية: (فوالله؛ لا يسأم الله حتى تسأموا) ([455])