اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 309
ومن هذا الباب أيضا يمكن تنزيه
المؤمنين عن هذه الألقاب التي اشتهرت في المنكر، وإن كان في أصلها يمكن أن تطلق
على المعروف، ولذلك لا يصح وصف المؤمنين بالخداع ولا المكر ولا الكيد ولا التآمر..
وإن كان ذلك صحيحا في أصل اللغة، لأن العبرة بما تعارف عليه الناس، ولا مشاحة في
الاصطلاح.
إذا علمت هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ فاسع لتطهير أرض نفسك من أشواك المكر والخديعة والكيد، وكل أصناف
العدوان.. وقد ورد في النصوص المقدسة ما يدل على مجامع ذلك وتفاصيله، فتدبر
معانيها؛ فلا يعالجك من أدوائك مثلها، وقد قال الله تعالى يصف كلماته المقدسة: ﴿يَا
أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا
فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]، وقال: ﴿وَنُنَزِّلُ
مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ
الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء: 82]
فإياك أن تكون من الظالمين الذين
يعرضون عن أدوية ربهم إلى غيرها، فلا يجدون إلا الخسارة والعمى، كما قال تعالى: ﴿
قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي
آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ
بَعِيدٍ﴾ [فصلت: 44]
العلاج المعرفي:
وأول الأدوية القرآنية لهذه
المثالب الخطيرة التي تجعل صاحبها لا يكتفي بالعدوان المباشر الذي قد يكون بسبب
غضب عارض، وإنما يضيف إليه التخطيط والإصرار ووجوه الحيلة التي تظهر خلاف ما يبطن،
ما أخبر الله تعالى عنه من أن حرب المخادعين والماكرين ليست موجهة لأولئك
المستضعفين الذين يكيدون لهم، ويتآمرون عليهم، وإنما حربهم مع الله تعالى.. وهل
يمكن لعاقل أن يحارب ربه؟
ولذلك تذكر ـ أيها المريد الصادق
ـ في كل موقف يدعوك الشيطان فيه للتآمر على
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 309