اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 307
وقد ورد في الحديث عن رسول الله a أنه قال: (الحرب خدعة) ([450])،
ذلك أن الأذكياء في الحروب هم الذين يخططون التخطيط الجيد الذي يقلل الخسائر قدر
الإمكان.
ولهذا فإن الخدعة في الحرب تدخل
في مقتضيات قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ
قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ
﴾ [الأنفال: 60]
ولك ـ أيها المريد الصادق ـ فيما
ذكره علماء السير والمغازي من دور بعض أصحاب رسول الله a في
تخذيل الأحزاب وشق صفوفهم، وإلقاء الشكوك بينهم، وخداعه لهم([451])
ما يدلك على أن المؤمن لا ينتظر مؤامرات غيره وخداعهم لتُنفذ عليه، وهو ساكن لا
يتحرك، بل إن الذكي هو الذي يتحرك الحركة الإيجابية التي تحميه وتحمي المستضعفين،
وقد تكون سببا في ردع المستكبرين، وقد قال رسول الله a في وصف المؤمن: (المؤمن كيس فطن حذر) ([452])
وفي حديث آخر قال a: (المؤمن كيس فطن حذر وقاف
مثبت لا يعجل عالم ورع، والمنافق همزة لمزة حطمة لا يقف عند شبهة ولا عند محرم
كحاطب الليل لا يبالى من أين اكتسب ولا فيما أنفق) ([453])
وأخبر عن فطنة المؤمن، فقال: (لا
يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين) ([454])
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ فإياك أن تقع فيما وقع فيه أولئك الذين لم يقدروا الله حق قدره، فراحوا
يصفونه بالمخادع والماكر والمستهزئ، وغيرها بناء على تلك النسب
[450]
البخاري- الفتح 6 (3030) واللفظ له، مسلم (1739) و(1740)