responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 306

ذلك الكيد طيبا وصالحا.. بل إن الله تعالى أخبر أنه هو الذي أرشده لذلك.

ولهذا نرى القرآن الكريم يصف المكر الذي قام به أعداء الأنبياء عليهم السلام بكونه مكرا سيئا، فقال: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ [فاطر: 42، 43]؛ فالعتاب لم يكن لمكرهم وتخطيطهم، وإنما كان لهدفه الذي كان سيئا.

فالتخطيط في حد ذاته مشروع، ولا حرج فيه، والحرج مرتبط بالهدف الذي يهدف إليه؛ فإن كان الهدف طيبا وصالحا، كان المكر طيبا وصالحا.

ولهذا أخبر الله تعالى أن له المكر جميعا، فقال:﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا ﴾ [الرعد: 42]، ثم عقب على ذلك ببيان دليله، فقال: ﴿يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: 42]

وهذا ما يقال في الخداع؛ فهو إن وضع في غير محله، كان انحرافا وضلالا ومثلبا خطيرا.. لكنه إن وضع في محله الصحيح، واستعمل لسد المفاسد، كان عملا شرعيا وصحيا، يُمدح صاحبه عليه.

فالطبيب الذي يخدع مريضه ببعض الحيل، ليتناول دواءه، ويشفى من مرضه، لا حرج عليه في ذلك ما دام لا يجد سبيلا سوى ذلك([449])..


[449] مثلما روي عن ابن سينا أنه داوى مريضا كان يعتقد بأنه بقرة، وكان يطلب من ذويه بإلحاح أن يذبحوه، فانقطع عن الأكل لأنهم رفضوا أن يفعلوا ذلك، فأرسل ابن سينا إليه يخبره بأنه قادم ليذبحه استجابة لطلبه، ولما حضر وفي يده السكين، أمر بربط يدي المريض ورجليه، وطرحه على الأرض ليذبحه. ولما همّ ابن سينا بالذبح، جس عضلات المريض جسا دقيقا، ثم التفت إلى أهله وقال لهم بصوت جهوري: إن هذه البقرة ضعيفة جدا، ويجب تسمينها قبل ذبحها، وعندها أخذ المريض من تلك الساعة يأكل بشهية زائدة ليسمن، فقوي جسمه وترك وهمه وشفي من مرضه شفاء تاما، عبد الكريم شحادة، صفحات من تاريخ التراث الطبي العربي الإسلامي.

اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 306
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست