وقد قال رجل لبعض الحكماء: إنّ فلانا ما يزال يذكرك في قصصه بشرّ، فقال له الحكيم:
(يا هذا ما رعيت حقّ مجالسة الرّجل حيث نقلت إلينا حديثه، ولا أدّيت حقّي حين
أعلمتني عن أخي ما أكره، ولكن أعلمه أنّ الموت يعمّنا، والقبر يضمّنا، والقيامة
تجمعنا، والله تعالى يحكم بيننا، وهو خير الحاكمين)([447])
وأختم لك وصيتي هذه بما أوصى به لقمان
الحكيم ابنه، فقد قال له: (يا بنيّ أوصيك بخلال إن تمسّكت بها لم تزل سيّدا: أبسط
خلقك للقريب والبعيد، وأمسك جهلك عن الكريم واللّئيم، واحفظ إخوانك وصل أقاربك
وآمنهم من قبول قول ساع أو سماع باغ يريد فسادك ويروم خداعك، وليكن أخدانك من إذا
فارقتهم وفارقوك لم تغتبهم ولم يغتابوك)
هذه وصيتي إليك ـ أيها المريد الصادق ـ
فاجتهد في أن تحفظ نفسك من هذين المثلبين الخطيرين، ولا يمكنك ذلك ما لم تطهرها من
كل الأمراض الباطنية التي تدفعها لذلك.. فلا يمكن للحاقد والحاسد والمستكبر، والذي
استولت عليه نفسه الأمارة أن يحكم لسانه، أو يضبط تصرفاته، وهل يمكن للنار أن
تطفئها بالماء، وأنت تزودها كل حين بالوقود الذي يهيجها.