اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 303
وروي أن حكيما زاره بعض إخوانه، ونقل له
خبرا عن غيره، فقال له الحكيم: (قد أبطأت عن الزّيارة، وأتيتني بثلاث جنايات:
بغّضت إليّ أخي، وشغلت قلبي الفارغ، واتّهمت نفسك الأمينة)
وروي عن بعض الأمراء أنّه دخل عليه رجل،
فذكر له عن رجل شيئا، فقال له: (إن شئت نظرنا في أمرك، فإن كنت كاذبا فأنت من أهل
هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ
بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى
مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6]، وإن كنت صادقا فأنت من أهل هذه
الآية: ﴿هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ [القلم: 11]، وإن شئت عفونا
عنك؟) فقال: العفو يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه أبدا)([443])
وقال حكيم لبعض الأمراء: (احذر قاتل الثّلاثة)،
قال: (ويلك، من قاتل الثّلاثة)؟ قال: الرّجل يأتي الإمام بالحديث الكذب، فيقتل
الإمام ذلك الرّجل بحديث هذا الكذّاب، ليكون قد قتل نفسه، وصاحبه، وإمامه)([444])
وروي أن بعض الأمراء كتب إليهم أحد
المتملقين له يحثّه على أخذ مال يتيم، وكان مالا كثيرا فكتب على ظهرها يقول له: (النّميمة
قبيحة، وإن كانت صحيحة، والميّت رحمه الله، واليتيم جبره الله، والمال نمّاه الله،
والسّاعي لعنه الله)([445])
واعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أن (من نمّ إليك
نمّ عليك)([446])، وأن من بلغك سب غيرك لك، فقد سبك بغير لسانه، وقد
قال الشاعر:
لا تقبلنّ
نميمة بلّغتها
***
***
وتحفّظنّ من
الّذي أنباكها