اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 302
وأخبر أنه (لا يدخل الجنة نمام)([439])، وفي رواية: (لا يدخل الجنّة قاطع)([440])،
وكيف يدخلها، وهو الذي إن دخلها لن يلتذ
بنعيمها ما لم ير قصورها تهدم، وأشجارها تحرق..
بل إن رسول الله a أخبر عن
تعجيل العذاب للنمامين في البرزخ؛ فقد روي أنه خرج من بعض حيطان المدينة، فسمع صوت
إنسانين يعذبان، في قبريهما فقال: (يعذبان وما يعذبان في كبير، وإنه لكبير: كان
أحدهما لا يستتر من البول، وكان الآخر يمشي بالنميمة)([441])
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاحذر من أن تتكلم كلمة
لا تلقي لها بالا قد تكون سببا في فتنة عظيمة، لا يمكن أن تسدها؛ فزن كلماتك قبل
أن تتحدث بها، حتى لا تكون وبالا عليك، وحتى لا تأتي يوم القيامة مجرما، وأنت لم
تقتل صرصورا واحدا.
ولا تكتف بذلك، بل واجه النميمة، وأفسد أغراضها، ولا تقبل من
النمامين، حتى لا تكون معينا لهم.
وإياك أن تسمع للنمام، فهو فاسق حتى لو لبس ملابس العلماء،
وتحدث بكلام الحكماء، وقد قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا
بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6]
و قد روي عن الإمام عليّ أنّ رجلا أتاه
يسعى إليه برجل، فقال: (يا هذا نحن نسأل عمّا قلت فإن كنت صادقا مقتناك، وإن كنت
كاذبا عاقبناك، فإن شئت أن نقيلك أقلناك؟)، فقال: (أقلني يا أمير المؤمنين)([442])