ويقتل نفسه وسواه ظلما
***
***
وليس النّمّ من أفعال حرّ
بل إن النمام قد لا يكتفي بالإفساد بين الأفراد المحدودين،
وإنما يسري فساده للأمة جميعا، فالطائفية المقيتة التي فرقت بين المسلمين، وزرعت
الصراع بينهم، ليست سوى ثمرة لأولئك النمامين الذين ـ بدل أن ينشروا المحبة بين
المسلمين ـ راحوا ينشرون الفرقة والصراع بينهم.
ولهذا ذم الله تعالى النمامين ذما
شديد، فقال: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ
بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ
زَنِيمٍ ﴾ [القلم: 10 - 13]، فهذه الأوصاف جميعا هي منابع النميمة
وثمارها.. فالنمام لا يرتاح إلا إذا رأى الخلق يتصارعون، ويمنع بعضهم خيره عن
الآخر.
وقرن الله تعالى بين النميمة
والقطيعة والإفساد في الأرض ونقض المواثيق، فقال: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ
كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ
كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)
الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا
أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ
الْخَاسِرُونَ﴾ [البقرة: 26، 27]
وشبه النمام بالذي يحمل الحطب
ليشعله، ويحرق الخلق به، كما قال تعالى في وصف امرأة أبي لهب التي كانت تسعى
بالنميمة لتفسد بين رسول الله a
وقومه: ﴿ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ [المسد: 4]
ولهذا أخبر رسول الله a أن
النمام شر الناس، فقد روي أنه قال: (إنّ من شرّ النّاس من
اتّقاه النّاس لشرّه)([438]) والنمّام منهم.