أما النميمة ـ أيها المريد الصادق
ـ فتشترك مع الغيبة في نشرها للعيوب والفضائح، وتزيد عليها في الغرض الذي تهدف
إليه، وهو الإفساد بين المتآخين والمتحابين، بخلاف الغيبة التي قد لا يكون مقصودها
سوى الضحك واللهو واللعب، ولا ينتج عنها سوى ذلك الألم الذي يجده من وقعت الغيبة عليه.
ولذلك فإن كل العقوبات التي ذكرت في الغيبة، تكون للنمامين،
ويضاف إليها ذلك الإفساد الذي قاموا به، والذي قد يتفاقم إلى أن يخرج من السيطرة..
وحينها قد يصبح النمام قاتلا ومجرما من غير أن يسفك أي دم، أو يقتل أي شخص.
وقد روي في بعض الحكايات أن رجلا باع
عبدا فقال للمشتري: ما فيه عيب إلّا النميمة قال: قد رضيت فاشتراه فمكث الغلام
أيّاما ثمّ قال لزوجة مولاه: إنّ زوجك لا يحبّك وهو يريد أن يتزوج عليك، وأنا
أسحره لك في شعره، فقالت: كيف أقدر على أخذ شعره؟ فقال: إذا نام فخذي الموسى
واحلقي من قفاه عند نومه شعرات حتّى أسحره عليها فيحبّك، ثمّ قال للزّوج: إنّ
امرأتك اتّخذت خليلا، وتريد أن تقتلك فتناوم لها حتّى تعرف ذلك، فتناوم فجاءته
المرأة بالموسى فظنّ أنّها تريد قتله، فقام، فقتلها، فجاء أهلها وقتلوا الزّوج
فوقع القتال بين القبيلتين وطال الأمر بينهم.
ولهذا، فإن النميمة جريمة من الجرائم الكبرى التي قد تفوق
القتل وغيره، ذلك أنها السبب في كل المفاسد، كما عبر الشاعر عن ذلك بقوله: