اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 295
ومثل ذلك التحذير من رؤساء الشر، ودعاة
الفتنة، وبيان عيوبهم وفضائحهم، حتى يحذر منهم الناس، وقد قال رسول الله a في ذلك: (أترعون عن
ذكر الفاجر حتّى لا يعرفه النّاس، اذكروه بما فيه يحذره النّاس)([417])
ويدخل في هؤلاء المجاهرون بالفسق الدعاة
للرذيلة، الذين ينطبق عليهم قوله a: (من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة له)([418])
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ فاعلم أن تلك النصوص المقدسة التي استثنت تلك المواقع، تشبه ما يفعله
الطبيب الذي قد يضطر إلى القيام بعملية جراحية، لا يقصد منها إيذاء صاحبها، ولكن
يقصد استئصال الداء منه.. فإذا تجاوز ذلك، وراح يجرحه في المواقع التي لا تحتاج
إلى جرح كان مؤذيا وظالما.
وهكذا الذي قد يضطر إلى الغيبة؛
فإنه لا يقصد منها تلبية دوافع نفسه الأمارة، فيغذي منابع السوء فيها، وإنما يقصد
منها الإصلاح، وبيان الحق، والتحذير من الباطل.. فإن تجاوز ذلك يكون حاله كحال
الطبيب الذي يعالج أعضاء، ويقضي على أخرى.
إذا عرفت هذا.. وأردت أن تعالج
نفسك من هذا المثلب الخطير؛ فتذكر ما ورد في النصوص المقدسة من أنواع العقوبة
المرتبطة به، فقد قال رسول الله a: (من أكَلَ برجلٍ مسلمٍ أُكْلةً فإن الله يُطعِمُهُ مثلها من جهنم،
ومن كُسِيَ ثوباً برجلٍ مسلمٍ فإن الله يكسوه مثله من جهنم، ومن قام برجلٍ مقام
سمعةٍ ورياءٍ؛ فإن الله يقوم به مقام سُمعة ورياء يوم القيامة)([419])
[417]
ابن أبي الدنيا في الصمت والحكيم في نوادر الأصول والحاكم في الكنى والشيرازي في
الألقاب.