فالآية الكريمة تخبر أن الله
تعالى لا يتوب عليهم، بمجرد التوبة والندم فقط، وإنما شرطت شرطان إضافيان، أولهما
الإصلاح، أي إصلاح ما أفسدوه بكتمانهم.. والثاني البيان.. أي الاعتراف والإقرار
والتصريح بالكتمان.. وعدم الاكتفاء بالإصلاح من دون الاعتراف.
ولهذا نرى المصادر المقدسة تبين
خطر الذنوب المتعدية، لأن التوبة منها تحتاج جهدا كبيرا مضاعفا، وتبعاتها قد لا
يمكن تحملها، خاصة إذا انتشر العدوان، ولم يتمكن التائب من الوصول إلى كل من
آذاهم، وحينها تبقى توبته قاصرة، ولو بذل فيها كل جهده، ذلك أن كل من لم يستطع أن
يستحلهم، يطالبونه يوم القيامة بما ارتكبه في حقهم، حتى لو تاب منه في الدنيا.
ولذلك لا تسمع ـ أيها المريد
الصادق ـ لأولئك الذين يكذبون عليك، ويمنونك بأن مجرد توبتك تكفي لمحو سيئاتك،
فهؤلاء لم يسمعوا قوله a: (من
كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثمَّ دينار ولا درهم من قبل أن
يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه)([253])
وقد
اعتبر رسول الله a الواقع في أمثال هذه الذنوب مفلسا، وإن جاء بجبال
من الحسنات، لأنها سرعان ما توزع على الذين ظلمهم، قال a: (أتدرون من المفلس؟) قالوا: