اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 215
أن يقع في كل الجرائم.. مع أن ترك
الصلاة ليست ذنبا خاصا فقط، بل هو ذنب متعد، لأنها عدوان على الله، وجحود لفضله،
وتكذيب لأمره، واحتقار لما أمر بالتشدد فيه، ولذلك قرن الله تعالى التعامل السيئ
مع الصلاة بالتعامل السيئ مع الخلق، فقال: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6)
وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)﴾ [الماعون: 4 - 7]
فهذه الآيات الكريمة تشير إلى أن
المتهاونين في الصلاة المرائين بها، يمنعون المعونات عن غيرهم، وهو من أخطر الذنوب
المتعدية.
ولهذا ورد في القرآن الكريم النهي
عن التعاون على الإثم والعدوان، كما قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى
الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾
[المائدة: 2]، ذلك أن الذي يعين غيره على ذنب خاص، أو يوفره له، أو ييسر عليه
ممارسته، يوشك أن ينتكس بشخصيته، ليحوله إلى مجرم لا يقتصر إجرامه على نفسه، وإنما
يتعداها إلى غيره.
بالإضافة إلى كل ذلك ـ أيها
المريد الصادق ـ فاعلم أن خطر الذنوب المتعدية يفوق كثيرا خطر الذنوب الخاصة، مع
كون كليهما ذنوبا وخطايا.
ذلك أن صاحب الذنب الخاص، يمكنه
أن يتوب إلى الله تعالى في أي لحظة، ويصحح أخطاءه التي وقع فيها، بينما صاحب الذنب
المتعدي يحتاج إلى أن يمر على كل من آذاهم، ليستحلهم، لا ليمحو تلك الذنوب التي
سجلت عليه بسببهم فقط، وإنما ليمحو آثار دعواتهم عليه، والتي قد تحول بينه وبين
التوبة.
لذلك ورد التحذير الشديد من
الذنوب المتعدية، لأن إصلاحها أو تصحيحها يحتاج جهدا كبيرا مضاعفا، قد لا يحتاج
مثله صاحب الذنب الخاص.
ولهذا شرط القرآن الكريم الكثير
من الشروط لمن يريدون التوبة من كتمان الهدى
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 215