اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 210
فالشخص
المعجب بنفسه لم يتعد على أحد، وإنما اكتفى بالإعجاب بنفسه..
لكن
التهاون في هذا، سيجعله مغرورا.. ثم يجعله مستكبرا ينظر إلى غيره بازدراء
واحتقار.. وذلك ذنب متعد.. ثم لا يكتفي بذلك، وإنما يتعامل معهم وفق موقفهم منه؛
فإن رأى في بعضهم عدم تقدير أو احترام له راح يحقد عليهم، وقد يحسدهم.. وكل ذلك
يجره إلى كل أنواع الذنوب المتعدية.
ولو أن هذا
الشخص بدأ بذلك الذنب القاصر، فعالجه، وأصلحه قبل أن يتجذر في نفسه لما تحول إلى
ذنب متعد، يصعب علاجه.
ولهذا
عندما ذكر القرآن الكريم الاستعاذة من الحسد قال: ﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ
إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 5]، وهو يشير إلى أن الحسد في بدايته هيئة نفسية
مرتبطة بصاحبها فقط، لكنه يتحول بعد ذلك إلى حالة متعدية تؤذي غيرها.. ولهذا لم
تكن الاستعاذة من أصل الحسد، وإنما من آثاره.
وهكذا، فإن
الشيطان الرجيم كان يملك في نفسه تلك الآثام التي تمنعه من السجود، لكنها لم تظهر
إلا في المواقف الخاصة بها.
ولهذا فإن
الذي لا يراقب نفسه، أو يعيش في بيئة قد لا تسمح لأخلاقه بالظهور، لا يغتر بذلك،
فيدعي طهارة نفسه من الإثم والعدوان، وإنما عليه أن يبحث عن أصولها في نفسه
ليعالجها.
إذا عرفت
هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاسع لأن تلجم نفسك عن آثامها قبل أن تتحول إلى ذنوب
متعدية تفوح رائحتها الكريهة، وقد قال الشاعر:
ومهما تكن عند
امرئ من خليقة
***
***
وإن خالها تخفى
على الناس تعلم
ولهذا عندما نهانا الله تعالى عن الفواحش، وهي من أخطر الذنوب المتعدية،
أمرنا
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 210